ضحايا الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان هم الورثة الشرعيون لأموالنا المنهوبة بعد استردادها
بيان صحفي
أطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم ورقة بحثية، بعنوان: "كيف نستفيد من أموالنا المنهوبة؟"، تتناول السياسات المُثلى لإدارة الأصول المستردة، بهدف تعظيم المنافع الاقتصادية والاجتماعية لتلك الأموال بصورة تحقق قدرًا من العدالة للفئات الأكثر تضررًا من الفساد. وعمل على إعداد الورقة يارا سلام* ومحمد الشيوي مسئولَا ملف العدالة الانتقالية، وأسامة دياب الباحث في الشفافية، ومكافحة الفساد بالمبادرة المصرية.
وتَصدُرُ الورقة انطلاقًا من إيمان المبادرة المصرية بأن ضحايا الأنظمة القمعية الفاسدة—سواء أفرادًا أو مجتمعات—هم الأَوْلى بالحصول على ما يُستدلُّ عليه، وما يُستردُّ من الأموال المنهوبة التي تنتمي إلى تلك الأنظمة بعد سقوطها. لأن عودة الأموال إلى خزينة الدولة يعرضها لثلاث مشكلات رئيسية: الأولى هي إمكانية ضياعها في قنوات الفساد مرة أخرى، والثانية هي خضوعها لانحيازات الدولة الحالية في الإنفاق العام، مما يعرض هذه الأموال لعدم الوصول إلى مستحقيها، والثالثة، إنفاقها على أغراض غير مناصرة للفقراء بشكل مباشر—مثل خدمة الدَيْنِ العام أو سد عجز الموازنة—مما يقلل من فرص تعظيم منافعها الاجتماعية والاقتصادية، مع عدم استهداف الفئات الأكثر تضررًا من سنوات الحكم الفاسد للرئيس المخلوع.
وقال أسامة دياب: “تخصيص الأموال المنهوبة عند استردادها لأغراض تنموية مناصرة للفقراء والمهمشين، وتحديدًا استخداماتها المستقبلية، سيساعدنا جميعًا في الضغط على حكومات الدول الأجنبية التي توجد بها أموالنا المجمدة بهدف التعجيل بردها لأصحابها الشرعيين، بل وقبل هذا حث الحكومة المصرية على بذل جهود أكبر في إدارة هذا الملف الشائك، حيث لم تُحقق نجاحات تذكر على مدار الثلاث سنوات والنصف الماضية".
وتشير الورقة إلى أهمية تعظيم التأثيرات الإيجابية لإنفاق الأموال المنهوبة عن طريق استثمارها كتعويضات مستدامة للأفراد والمجتمعات الأكثر تضررًا من سياسات النظام البائد، بعيدًا عن إعادتها لخزينة الدولة، لأن الحسبة البسيطة المتمثلة في توزيع الأموال بالتساوي على عموم المواطنين، تعني أن نصيب الفرد الواحد من كل مليار جنيه، في دولة تعدادها 90 مليونًا مثل مصر، سيصل إلى 11 جنيهًا مصريًّا. ومن هنا فإنه مهما كان حجم الأموال المستردة، فإن مجرد ردها إلى الخزانة العامة سيحرمنا تحقيقَ قدر من العدالة عن طريق إنفاقها على هؤلاء الذين تضرروا من الفساد أكثر من سواهم.
وقال محمد الشيوي: "تكمن أهمية استرداد الأموال المنهوبة في القدرة على استخدام تلك الأموال في عمليات تعويض وجبر ضرر ضحايا فساد وإهمال الأنظمة الديكتاتورية، والتي تعتبر من أولويات المراحل الانتقالية..".
وتهدف الورقة البحثية إلى استكشاف الطرق التي اتبعتها بلدان أخرى في استخدام الأموال المستردة، وكيف تمت تعبئة المجتمعات المحلية لاسترداد الأموال في بعض الحالات. وبخلاف تجارب الدول الأخرى التي مرت بظروف شبيهة، تركز الورقة أيضًا في السياق المحلي في مصر، وحالة الأموال المجمدة، وكيف يمكن للتعبئة المجتمعية، أن تساعد في الضغط على الحكومات الأجنبية والحكومة المصرية بشكل مستدام، حتى تعود الأموال لاستخدامها، في برامج التعويض عن انتهاكات الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية.
وبالإضافة إلى تجارب الدول الأخرى، تتطرق الورقة أيضًا، إلى أفضل الممارسات التي تُتَّبَعُ دوليًّا في هذا المجال، وتلقي الضوء على تجارب سابقة، في بيرو ونيجيريا وغيرها، من الدول التي عانت عند رد الأموال المنهوبة للحكومات، بسبب عدم تحديد طرق إنفاقها ونوعية الرقابة، ومعايير الشفافية المطبقة على صرف تلك الأموال.
للاطلاع علي الورقة البحثية: اضغط هنا
*يارا سلَّام المحامية ومسئولة ملف العدالة الانتقالية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، محتجزة منذ 21 من يونيو 2014 وهي قيد المحاكمة، بعد أن قبضت عليها أجهزة اﻷمن، قرب مسيرة احتجاجية في حي مصر الجديدة، في القاهرة، وتمت إحالتها للمحاكمة. ورغم أنها باحثة معروفة في مجال حقوق اﻹنسان، حاصلة على جائزة دولية، وكان من الممكن اﻹفراج عنها مع استمرار محاكمتها، إﻻ أنها ما زالت محتجزة في سجن القناطر قرب القاهرة حتى وقت صدور هذا التقرير، ومن المقرر أن تنعقد جلسة محاكمتها يوم 13 من سبتمبر. وقد ساهمت يارا في كتابة هذا التقرير قبل القبض عليها.